کد مطلب:167539 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:281

خطبة أخری للحسین
وذكر السید ابن طاووس خطبةً أخری للحسین قال: فركب الحسین ناقته، وقیل: فرسه، فاستنصتهم فأنصتوا، وفی روایة: فأبوا أن یُنصتوا حتی قال: ویلكم ما علیكم أن لا تنصتوا لی فتسمعوا قولی، وإنما أدعوكم إلی سبیل الرشاد، فمن أطاعنی كان من المرشدین ومن عصانی كان من المهلكین، وكلّكم عاصٍ لأمری غیر مستمعٍ قولی فقد مُلئتْ بطونكم من الحرام وطُبعَ علی قلوبكم، ویلكم! ألا تنصفون؟ ألا تسمعون؟ ألا تنصتون؟ فتلاوم القوم وقالوا أنصتوا له فأنصتوا.

فحمد الله وأثنی علیه وذكره بما هو أهله، وصلّی علی محمد وآله وعلی الملائكة والأنبیاء والرسل، وابلغ فی المقال ثم قال:

(تبّاً لكم أیّتها الجماعة وترحا حین استصرختمونا والهین فأصرخناكم موجفین، سللتم علینا سیفاً لنا فی أیمانكم، وحششتم علینا ناراً اقتدحناها علی عدوّنا وعدوّكم، فأصبحتم إلباً لأعدائكم علی أولیائكم بغیر عدلٍ أفشوه فیكم ولا أملٍ أصبح لكم فیهم؛ فهلاّ لكم الویلات؟ تركتمونا والسیف مشیم والجأش طامن، والرأی لما یستحصف ولكن أسرعتم إلیها كطیرة الدبا وتداعیتم إلیها كتداعی الفراش، فسُحقا لكم یا عبید الأمة، وشذاذ الأحزاب؛ ونبذة الكتاب ومحرّفی الكلم، وعصبة الآثام، ونفثة الشیطان ومطفئ السنن. أهؤلاء تعضدون؟ وعنّا تتخاذلون؟ أجل والله غدرٌ فیكم قدیم، وشجت إلیه أصولكم، وتأرّزت علیه فروعكم، فكنتم أخبث ثمر شجا للناظر وأكلة للغاصب، إلا وإن الدعیّ بن الدعیّ قد ركّز بین اثنتین: بین السلّة والذلّة وهیهات منّا الذلّة، یأبی الله ذلك لنا ورسوله، وحجور طابت وجدودٌ طهرت، وأنوفُ حمیّة ونفوسٌ أبیّة من أن تؤثر طاعة اللئام علی مصارع الكرام، ألا وإنی زاحفٌ بهذه الأسرة مع قلّة العدد وخذلان الناصر، ثم قال:



فــــإن نــــهزم فــهزّامون قدماً

وإن نُغــــلبْ فغَــــیر مُـــــغَلّبینا



ومــــا إن طــــبّنا جــــبنٌ ولكن

منایـــــانا ودولـــــة آخــــــرینا



إذا مـــا المـوت رفّع عن اناس

كــــــلا كـــــله أنـــــاخ بآخرینا



فأفنی ذلــــكم ســـــرواة قومـی

كمـــــا أفـــــنی القرون الأوّلینا



فلو خـــــلد المـــلوك إذن خلدنا

ولو بقــــی الكــــرام إذن بـقینا



فــــقل للشــــامتین بــــنا أفیقوا

سیــــلقی الشــامتون كما لقینا



ثم أیم الله لا تلبثون بعده إلا كریث ما یركب الفرس حتی تدور بكم دور الرحی وتقلق بكم قلق المحور، عهدٌ عهده إلیّ أبی عن جدّی، فأجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم لا یكن أمركم علیكم غمّة ثم اقضوا إلیّ ولا تنظرون إنی توكّلت علی الله ربی وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصیتها إنّ ربّی علی صراط مستقیم.

اللهم احبس عنهم قطر السماء، وابعث علیهم سنین كسنّی یوسف، وسلّط علیهم غلام ثقیف یسقیهم كاساً مصبرة، فإنهم كذبونا وخذلونا وأنت ربّنا علیك توكّلنا والیك أنبنا والیك المصیر).